وصاحب لي بطنة كالهلوية * كأن في أمعائه معاوية وقد ذكر المؤرخون أن معاوية يجمع على مائدته سبعين صنفا من الطعام يقول أنصار معاوية إن معاوية لحليم حاذق وإن الحلم لخلة شريفة ومنقبة عظيمة وإن الحذق لسجية محمودة تناقلوا ذلك في أسفارهم وتمثلوا به في أخبارهم وأشعارهم وربما جر بعضهم قصوره عن إدراك الحقائق إلى الزعم بأن معاوية كان أصح فكرا وأبعد غورا وأدق إدراكا من علي عليه السلام وربما ظن ذلك البعض بنفسه حيث عرف ذلك واستخرجه من ماجرياتهما وسيرتهما إنه من الخاصة أهل التحقيق والإنصاف والتمييز مع أن الأمر بخلاف ذلك والقائل به عامي يقول ببادي الرأي ويستعجل في الحكم على القضايا قبل الفحص التام عن أسبابها وموانعها ومقتضياتها وتمحيصها للحكم عليها ولعمري إنه لأجدر بما قيل.
ما أنت بالحكم الترضى حكومته * ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل ولو تتبع تلك القضايا وعرفها حق المعرفة لأدرك أن حلم معاوية إنما هو خبث وحيلة ونفاق ومراوغة وإيضاح هذا الأمر وبيانه يقتضي التمهيد له بذكر ما كان من التفاوت بين حال علي عليه السلام في سيرته وبين حال معاوية ومن يشاركه في آرائه كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وذلك أن عليا كرم الله وجهه كان لا يستعمل في حروبه وسائر أفعاله إلا ما يوافق الكتاب والسنة ملازما في جميع حركاته قوانين الشريعة مدفوعا إلى اتباعها رافضا ما كان يستعمله المشركون في الجاهلية والبغاة القاسطون في الإسلام في حروبهم من المكر المحظور والخبث والدهاء والغدر والحيلة والتغرير بالاجتهاد في مقابلة المنصوص وتخصيص العمومات بالآراء لتوافق الهوى وغير ذلك مما لا ترخص فيه الشريعة ولا يرضاه الله ولا رسوله فكان كرم الله وجهه يقول لأصحابه لا تبدأوهم بالقتال حتى يبدأوكم ولا تفتحوا بابا