على أنا نقول إن علم رضي الله عنه بفجور معاوية لو كان عالما به وهو ما لا نظنه لا يكون ما نعا من توليته إذا رأى فيه نوع مصلحة عامة فقد عزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة ثم ولي عليها المغيرة بن شعبة وقد روي كما ذكره صاحب الفائق وغيره أن حذيفة قال لعمر رضي الله عنهما أنك تستعين بالرجل الفاجر فقال إني أستعمله لأستعين بقوته ثم أكون على قفاه وذكر أيضا أن عمر رضي الله عنه قال غلبتي أهل الكوفة أستعمل عليهم المؤمن فيضعف وأستعمل عليهم الفاجر فيفجر (انتهى).
(الشبهة الخامسة) تتابع الأكثر من علماء أصحابنا الأشاعرة والماتريدية مددا طويلة ى القول بتعديل معاوية والسكوت عن ذكر مثالبه وتأويلها أو حملها علم المحامل الحسنة وإنكار ما يمكن إنكاره منها وهذه الشبهة إنما هي عند المقلدين والعوام وهي النقطة السوداء في مذهب أهل السنة وهي أشد الشبه أضرارا بهم واستحكاما في عقائدهم وتمكنا منهم حتى صاروا يعتبرون من لعن معاوية أو ذكر شيئا من بوائقه مبتدعا وفاسقا لا يصغون إلى سماع دليل ولا يلتفتون إلى نقل وإن كان صحيحا لا تظهر منهم لدى البحث إلا بوادر الحفق وسورات الغضب.
يا مرسل الريح جنوبا وصبا * إن غضبت قيس فزدها غضبا قصارى ما عند العالم منهم أن يقول لك عند البحث إن أيمة السنة وقادة الجماعة كأبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي ومن بعدهما كالباقلاني والسبكي والغزالي والعضد والدواني والنسفي والنووي وهلم جرا كلهم من العلم والتحقيق وسعة الاطلاع بالمنزلة السامية وكل هؤلاء يستحسن تولي معاوية ويأمر بالسكوت عن ذكر مثالبه ويتأولها له وينهي عن لعنه وسبه ولو لم يكن لهم دليل على ذلك لما قالوه ولسنا بأعلم منهم