إن الحديث الضعيف يؤخذ به في المناقب وفضائل الأعمال فذلك حيث كان لذكر منقبة مجردة لا يترتب عليه حكم ما فلا ينبني عليه تصويب ذي خطأ ولا تبرير ذي إثم ولا يعارض بها صحيح ولا حسن ونحوه ولا يخصص بها عام ولا يقيد بها مطلق فاحتجاج أنصار معاوية بها نفخ في رماد.
(نعم) جاء في حق معاوية حديث غريب أخرجه الترمذي في الجامع وحسنه عن عبد الرحمن بن أبي عميرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول وذكر معاوية اللهم اجعله هاديا مهدايا واهده واهد به ومنتهى سند هذا الحديث عبد الرحمن بن أبي عميرة وقد قال ابن عبد البر حديثه مضطرب لا يثبت في الصحابة وهو شامي ومنهم من يوقف حديثه هذا ولا يرفعه ولا يصح مرفوعا عندهم (انتهى) وقال: سعيد بن عبد العزيز اختلط في آخر عمره.
قلت قد علمت ما في هذا الحديث من الإعلان وأن تحسين الترمذي إنما هو تحسين الإسناد إلى عبد الرحمن بن أبي عميرة وهو كذلك لكن قد علمت أن سحبة عبد الرحمن لم تثبت فيكون الحديث حينئذ مرسلا وعلى التنزل وفرض رفعه وصحته فمحصل مفاده أن النبي دعا له أن يكون هاديا مهديا ونحن نقول إن دعاء النبي صلى الله عليه وآله مستجاب عند الله اللهم إلا ما صرح أو أشار هو صلى الله عليه وآله بعدم استجابته كاستغفاره للمنافقين وغيره وهذا الدعاء من هذا القبيل إذ لم يظهر من أفعال معاوية إلا ما يدل على أنه ضال مضل وليس هاديا مهديا كما تشهد به سيرته وأعماله الفظيعة الواصلة إلينا بالتواتر.
وهاهنا دلالة على عدم استجابة الله هذه الدعوة لمعاوية لو فرضنا صحة الحديث من حديث صحيح أخرجه مسلم عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها و سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها تعرف بهذا الحديث وغيره شدة حرصه صلى الله عليه