النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٠٥
القول المفتعلة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
ولما رأى قاصروا النظر نوادر معاوية وعمرو في المكائد وكثرة غرائبهم في الخديعة ولم يروا مثل ذلك من علي كرم الله وجهه توهموا أن ذلك من رجحان عند معاوية ونقصان عند علي عليه السلام وجرهم ذلك إلى الحكم بما زعموا ثم إذا رميت بنظرك إلى خدائع معاوية وعمرو وجدت أكبرها رفع المصاحف ولم ينخدع بها علي كرم الله وجهه بل أدرك لأول وهلة أنها مكيدة لطلب الخلاص والنجاة ونبه أصحابه عليها لولا أن بعض أصحابه لما فيهم من الغرارة والتسرع والطيش انخدعوا بذلك وآل بهم الأمر إلى التنازع فوافقهم الإمام خشية الافتراق ومثلها صنعوا في تعيينهم أبا موسى الأشعري حكما من جانب علي عليه السلام وإصرارهم وتصميمهم على ذلك وهو يعلم ما عند أبي موسى من الانحراف عنه والغباوة فيه إلا أنه كرم الله وجهه قيد أمر التحكيم بكتاب الله حتى لا يلزمه ما خالفه من فعل الحكمين قال: أبو الفرج بن يزيد الكلاعي قالوا لعلي كرم الله وجهه حكمت كافرا ومنافقا فقال ما حكمت مخلوقا ما حكمت إلا القرآن (1) وقد أشار كرم الله وجهه إلى جميع ما قدمناه بكلمات وجيزة مذكورة في نهج البلاغة قال كرم الله وجهه والله ما معاوية باد هي مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهة الغدر لكنت من أدهى الناس ولكن لكل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة (انتهى).
ويتمشدق بعض الطائشين ويتبجح بترديده على اللسان أن معاوية خال

(١) استدل أهل السنة بهذه المقالة عن علي كرم الله وجهه على أن القرآن ليس بمخلوق ولولا صحتها عندهم لما احتجوا بها في مسألة يطلب فيها اليقين والقطع (انتهى).
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»