النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٠١
وآله وسلم على أن يكون السلم دائما بين أمته فدعا الله تارة أن لا يكون بأس أمته بينهم كما في حديث مسلم وتارة أن يجعل معاوية هاديا مهديا لأنه بلا ريب يعلم أن معاوية أكبر من يبغي ويجعل بأس الأمة بينها فمآل الدعوتين واحد وعدم الإجابة في حديث مسلم تستلزم عدمها في حديث الترمذي والمناسبة بل التلازم بينهما واضح بين وفي معنى حديث مسلم هذا جاءت أحاديث كثيرة ومرجعها واحد.
ومما ورد فيه من ضعاف الأحاديث ما أخرجه ابن أبي شيبة عن معاوية أنه قال: ما زلت أطمع في الخلافة منذ قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ملكت فأحسن وقد عرفت ضعف هذا الحديث وعلى فرض صحته فلا منقبة فيه لمعاوية لأن الله سبحانه وتعالى قد اطلع نبيه على ما سيجري بين أمته من الفتن والحروب وقد أخبر عنها بما أخبر وأشار إلى ما أشار وفي هذا الحديث إشارة إلى أن معاوية سيملك وقد صرح في أحاديث صحيحة بأن ملكه ملك عضوض وقد أمره بالإحسان إذا ملك حيث لا سامع ولا مؤتمر وليس ذلك من قبيل البشارة والغبطة بملكه بل من باب الإخبار بالمغيبات والإنذار بالفتنة وإقامة الحجة عليه بتبليغه.
وهذا الإخبار لا يستلزم حقية فإن النبي صلى الله عليه وآله قد أخبر عن أمور كثيرة من هذا القبيل كفتن الخوارج وإن بني مروان ينزون على منبره كما تنزوا القردة وقد أخبر موسى عليه والسلام بما ملك بختنصر الحبار الكافر وما سيرتكبه من بني إسرائيل فيكون الإخبار بهذه الأمور دليل على حقيتها لا يقول بهذا أحد ولكن أنصار معاوية يتشبثون في تزكيته بمثل خيوط العناكب ضعفا ويلوون رؤوسهم عما ثبت فيه من المثالب ألا تراهم كيف يتبجحون بما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عكرمة أخبره أن معاوية يوتر بركعة فقال ابن عباس دعه فإنه فقيه قالوا إن الفقيه في عرف ذلك الزمن
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»