الأشباح وجمال حضرة ذي الجلال، بحيث تعجز عن إدراكها الأفهام، وتقصر عن وصفها الألسن، حتى قالت هي بلسان عصمتها: «شغلتني خدمتي ربي عن مسألتي حاجتي»، وهذا هو الاستغراق في العبودية، ومحو الأميال البشرية، والإندكاك في الجبلية، وإيثار رضا المولى وقهر شهوات النفس وميول الهوى، حتى لا يريد العبد من الله سوى الله، فيقضي على التمنيات والنوازع النفسانية، ويبقى متحفظا متيقظا دائما في المراقبات القلبية، ويوافق علمه عمله، فينظر إلى عبادتها سكان الملأ الأعلى وتتباهى به ملائكة السماء صلوات الله عليها.
أما حياء صفورا:
زوجة موسى (عليه السلام) وأخت صفيرا (بالتصغير) بنت شعيب النبي (عليه السلام) التي قال تعالى فيها: ﴿فجاءته إحداهما تمشي على استحياء﴾ (1) فأخبر - وخبره الحق اليقين - أنها جاءت إلى موسى بعد أن سقى غنم شعيب ودعته إلى أبيها، وكانت مشيتها تحكي العفاف والحياء وهي تتكلم مع رجل أجنبي وتدله على الطريق، وهو من لوازم المرأة النجيبة والحرائر والأبكار.
قال تعالى في سورة القصص: (ولما ورد ماء مدين وجد امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير * فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما