يوسف بأنواع الحلي والحلل، وأخذت تسترق النظر إليه لحظة بعد لحظة، حتى باحت بحبها المكنون، وأفشت وجدها المكتوم، ودبرت الحيل والمكائد لتظفر بالوصال، ومن تلك المكائد أنها بنت قصرا عاليا جعلت يوسف في بعض حجراته، ثم أخذت تغريه بالعبرات التي تفوح شهوة وصبابة، وتتزين له غاية الزينة، وتتبذل له لعلها تستميل منه نظرة، أو تسمع منه كلمة يستخبرها فيها عن حالها. فأعرض عنها بعصمته التي كانت برهان ربه كما قال تعالى: ﴿ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه﴾ (١) ولم يفتح عينيه في وجهها، وهرب منها وتمسك بالعناية الإلهية، وتوجه إلى رضا، الرب فقال عنه جل وعلا: ﴿كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء﴾ (٢) ولنعم ما قيل في هذا المقام:
از زليخاى لطيف سرو قد * يوسفى بايد كه خود را وا كشد (٣) فشملته العناية الإلهية، وصار سليل إسرائيل والخليل في شبابه مؤيدا من عند الله، ممجدا عن ذلك الذنب العظيم، وارتاح من إغواء زليخا، وشهد له الطفل الرضيع بطهارة الذيل فقال (عليه السلام): ﴿رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه﴾ (4) فلبث في السجن بضع سنين، وظهرت منه الكرامات، وعرف بتعبير المنام وهو من العلوم الموهوبة له، حتى مات العزيز وصار يوسف مكانه، فأعربت زليخا عن ما في الضمير وأبلغت نساء مصر بنيتها الفاسدة.
به جرم خويش كرد اقرار مطلق * برآمد زو صداى حصحص الحق (5)