سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) (1) إلى آخر الآيات الشريفة.
قال المجلسي في معنى «استحياء» أي مستحيية معرضة; من عادة النساء الخفرات (2)، والخفرة بالتحريك الجارية كثيرة الحياء.
فلما وصل موسى (عليه السلام) إلى ماء مدين، وهي على مسيرة ثمانية أيام من مصر نحو ما بين الكوفة إلى البصرة، وجد عليه أمة من الناس يسقون أغنامهم ووجد من دونهم امرأتين تذودان غنمهما عن الماء وعن الاختلاط بأغنام الآخرين، فقال لهما موسى (عليه السلام): ما شأنكما؟ قالتا: لا نسقي عند المزاحمة مع الناس حتى يصدر الرعاء مواشيهم عن وردهم، فإذا انصرف الناس سقينا مواشينا من فضول الحوض، وأبونا شيخ كبير لا يقدر أن يتولى السقي بنفسه من الكبر، أو إنهما لا يقدران على رفع الحجر عن البئر، وكان لا يرفعه إلا عشرة رجال، فسقى أغنامهما ولم يسق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم (ثم تولى إلى الظل) أي انصرف إلى ظل شجرة فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع، فقال: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانتا لا ترجعان فيها، فأنكر شأنهما وسألهما، فأخبرتاه الخبر.
فقال لإحداهما: علي به، فرجعت الكبرى (وهي صفوراء) إلى موسى لتدعوه، قالت: (إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فتبعها وكانت الريح تضرب ثوبها فيصف لموسى - فجعل موسى يعرض عنها مرة ويغض مرة، فناداها: