وبعد ثلاثة أشهر من بقاء موسى عند أمه وخلاصه من التنور المسجور وظهور الكرامات الباهرات لهذا الوليد، طلبت أمه من خربيل النجار فصنع لها تابوتا وقيره، وهو المقصود في قوله تعالى ﴿وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله...﴾ (١) الخ.
ووضعت الوليد في التابوت ورمته في البحر وتجرعت الصبر على الفراق; قال تعالى: ﴿وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني﴾ (٢).
فالتقطته آسية امرأة فرعون من بين الماء والشجر ﴿فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا﴾ (٣) وألقى الله محبته في قلبها، فاستوهبته من فرعون ﴿وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون﴾ (٤) فأخذوه وأمه تنظر إليه من بعيد وتبكي خوفا عليه لئلا يذبح. قال تعالى: ﴿وأصبح فؤاد أم موسى فارغا﴾ (٥) فوهبه فرعون لآسية وطلبوا له المراضع، وموسى يمتنع حتى جيء بأمه، فوثب يرضع ﴿فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن﴾ (6) وهذه هي عاقبة الصبر. وما أجمل قول جامي:
به صبر اندر صدف باران شود در * به صبر از لعل و گوهر كان شود پر (7)