أيضا في كامل الزيارات، عن سعد عن أحمد بن عيسى، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
«لما حملت فاطمة (عليها السلام) حمله وحين وضعته كرهت وضعه، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): هل رأيتم في الدنيا أما تلد غلاما فتكرهه، ولكنها كرهته لأنها علمت أنه سيقتل. قال (عليه السلام): وفيه معنى الآية (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)» (1).
وما أشبه قصة الإمام الحسين (عليه السلام) بقصة يحيى بن زكريا، ولطالما كان (عليه السلام) يذكر يحيى بن زكريا في طريقه إلى كربلاء، ويقول: من هوان الدنيا على الله أن يهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، وسيهدى رأسي إلى رجل فاسق فاجر زان (2)، ولابد أن تكون مماثلة بين المصاديق كما كانت مناسبة بين التنزيل والتأويل والظاهر والباطن في الآية الشريفة.
وبديهي أن مقام القرب عند الله لسيد الشهداء أعلى بمراتب من مقام يحيى مع ما له من مقام النبوة، ولما استشهد يحيى بكت السماء دما، وعند استشهاد الحسين (عليه السلام) بكت السماء دما ورمادا، كما ورد في مجالس الصدوق مسندا عن الصادق عن أبيه عن جده (عليهم السلام):
«إن الحسين (عليه السلام) دخل يوما على أخيه الحسن، فلما نظر إليه بكى، فقال له الحسن: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: لما يصنع بك. فقال له الحسن (عليه السلام): إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فاقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدعون أنهم من أمة جدنا محمد (عليه السلام) وينتحلون دين الإسلام،