فكانت تربيهم وتنميهم للقتل وهي شاكرة.
تأمل جيدا، فهل يمكن القوة البشرية أن تتصور ذلك؟! حاشا لا يكون ذلك إلا من صاحبة الملكة الربانية والنفس القدسية ذات القوة الخاصة التي تتحمل مثل هذا المشهد لأولاد مثل أولادها ممن عقمت النساء أن يلدن بمثل من ولدت من الأزل إلى الأبد.
وأما حديث المرأة العجوز التي استشهد ولدها في تبوك، فقد ورد في كتاب الأربعين عن جابر بن عبد الله الأنصاري وعمار وأبي ذر:
بينا كان رسول الله جالسا في المسجد بعد صلاة المغرب وأصحابه حوله وهو يخطبهم وإذا بجبرئيل ينزل ويقول: يا رسول الله! أمر الملك العلام أن تغدو صباحا بأصحابك وتعدهم لحرب الكفار، وتخرج من المدينة بعد ثلاثة أيام فقد اجتمع عدد غفير من جيش الكفار يريدون قتالكم، وستقع الحرب في تبوك، ولا تستهين بهذه الحرب، واحتط وكن على حذر لئلا يلحق الضرر بأصحابك، ورأس الكفار رجل يدعى مكيد بن عمرو ومعه جيش كبير، واعلم أنك ستغلبه وتقهره.
فجهز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جيشه وأعلن الرحيل عن المدينة بعد ثلاثة أيام لمواجهة مكيد إن شاء الله.
فلما ذاع الخبر سمعت امرأة عجوز كانت جارة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان لها ولد موصوف بالشجاعة والتقوى، فسارع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: يا من اصطفاه الله أرجوك أن تلحقني بجيش المسلمين لآخذ من الجهاد نصيبي فخذني معك.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): استأذن أمك، فإن لم تأذن لك فابق عندها ولا تؤذيها.
فذهب إلى أمه يستأذنها، فقالت له: لا طاقة لي على الإذن لك، وأخشى أن