كان يرى أحدا إلا أعطاه، إذ جاء العباس - عمه - فقال: يا رسول الله! أعطني، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خذ فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله! أؤمر بعضهم يرفعه إلي قال: لا... فنثر منه ثم احتمله فألقاه على كاهله ثم انطلق، فما زال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتبعه ببصره حتى خفي علينا، عجبا من حرصه، فما قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وثم منها درهم (1).
وذهب البعض إلى أن الأجواد في الجاهلية ثلاثة: كعب بن أمامة، وهرم بن سنان، وحاتم الطائي (2)، ولكن هؤلاء الأشخاص معروفين بالكرم نسبة إلى عموم الناس، ولا يقاسون بكرم أئمة الدين وإيثارهم، وعلى رأسهم سلطان الولاية وأمير المؤمنين (عليه السلام)، فكرم هؤلاء تحت كرم الخالق وفوق كرم المخلوقين، مثل سائر أفعالهم صلوات الله عليهم.
لو أدرك العصر من كعب ومن هرم * وحاتم جود كفيه لما ذكروا وجد أمير المؤمنين (عليه السلام) عمرو بن عبد مناف، وهو أول من هشم الثريد، ولذا سمي هاشما، قال الشاعر:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف (3) ومن الأمثال السائرة «ما أحدكم كهاشم وإن هشم، ولا كحاتم وإن حتم».
وممن عرف بالكرم في الإسلام عبد الله بن عباس وأخوه عبيد الله المعروف ب «معلوم الجود». وهو أول من وضع الموائد في الطرق، وكانت نفقته في كل يوم