بعد مائتين وخمسين فرسخ تقريبا لتأخذ قطعة من الثلج كما روى في البحار عن عمار وزيد بن أرقم، قالا:
كنا بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان يوم الاثنين لسبع عشر خلت من صفر، وإذا بزعقة عظيمة ملأت المسامع، وكان على دكة القضاء، فقال: يا عمار ائتيني بذي الفقار [وكان وزنه سبعة أمنان وثلثي من مكي] فجئت به، فانتضاه من غمده فتركه على فخذه، وقال: يا عمار هذا يوم أكشف لأهل الكوفة الغمة، ليزداد المؤمن وفاقا والمخالف نفاقا، يا عمار إئت بمن على الباب، فخرجت وإذا على الباب امرأة في قبة على جمل، وهي تشتكي وتصيح: يا غياث المستغيثين! و يا بغية الطالبين! و يا كنز الراغبين! و يا ذا القوة المتين! ويا مطعم اليتيم! ويا رازق العديم [ويا محيي كل عظم رميم! ويا من سبق قدمه كل قديم!] ويا عون من ليس له عون ولا معين! يا طود من لا طود له! يا كنز من لا كنز له! إليك توسلت، وخليفة رسولك قصدت، بيض وجهي، وفرج عني كربتي.
قال عمار: وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة، قوم لها وقوم عليها، فقلت: أجيبوا أمير المؤمنين (عليه السلام) أجيبوا عيبة علم النبوة. قال: فنزلت المرأة من القبة ونزل القوم معها ودخلوا المسجد، فوقفت المرأة بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت: يا مولاي يا إمام المتقين، إليك أتيت، وإياك قصدت، فاكشف كربتي وما بي من غمة... فعند ذلك قال: يا عمار ناد في الكوفة: من أراد أن ينظر إلى ما أعطى الله أخا رسول الله فليأت المسجد.
قال: فاجتمع الناس حتى امتلأ المسجد، فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال:
سلوني ما بدا لكم يا أهل الشام، فنهض من بينهم شيخ قد شاب عليه بردة يمانية،