الأرض، فمن تعلق بالسخاوة تعلق بغصن منها وأدخله الجنة، ألا وإن السخاء من الإيمان» (1).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) في موضع آخر: «أحب العباد إلى الله من حبب إليه المعروف».
وإنما سمي المعروف معروفا لأن الكرام والعظماء عرفوه وألفوه وشاع بينهم.
وقيل: الجواد من لا يكون جوده دفعا للأعداء، وطلبا للجزاء.
قال عبد الله بن جعفر: أمطر معروفك، فإن أصاب الكرام كانوا له أهلا، وإن أصاب اللئام كنت له أهلا.
ونعم ما قاله زهير بن جذيمة في وصيته لأولاده: عليكم باصطناع المعروف واكتسابه، وتلذذوا بطيب نسيمه ورضابه، وارضوا مودات الرجال من أثمانه، فربة رجل قد صفر من ماله فعاش هو وعقبه في الذكر الجميل.
روي أن عبد الملك بن مروان أوصى أهله وأقرباءه وأولاده ورغبهم في الكرم والسخاء، فقال: يا بني إن الكريم يحفظ شرفه بالمال فلا تبخلوا، فإن أفضل المال ما جلب محمدة أو دفع مذمة، ثم تلا قوله تعالى: (وما أنفقتكم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) (2) والناس عيال الله قد تكفل بأرزاقهم، فمن وسع وسع عليه، ومن ضيق ضيق عليه.
سبحان الله ما أروع ما يقول هذا الخليفة، وما أعظم الاختلاف بين قوله وفعله، وهو المعروف بالبخل قد عد في مشاهير البخلاء، ولقب ب «شح الحجر» والعجب كيف جمع بين اعتقاده وفعله سلبا وإيجابا، فزين لسانه بالمدح وقلبه