عصمته والقطع على باطنه ومغيبه، وأن ذلك أمر اختص هو به دون غيره من الصحابة، والفرق ظاهر بين قولنا: «زيد معصوم» وقولنا «زيد واجب العصمة لأنه إمام، ومن شرط الإمام أن يكون معصوما» فالاعتبار الأول مذهبنا، والاعتبار الثاني مذهب الإمامية (1).
والآن لنر هل أن الصديقة الطاهرة معصومة أو أنها واجبة العصمة التي تعد من شروط الإمامة؟ وكون وجوب العصمة شرط الإمامة لا يعني التلازم بينهما أيضا، فليس كل من كان واجب العصمة كان واجب الإمامة، والقضية ليست صادقة من الجانبين على نحو الكلية، بل هي كلية من جانب وجزئية من جانب آخر.
إن تلك المخدرة كانت طاهرة مطهرة من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولذا اشتركت مع أمير المؤمنين والحسنين بنص آية التطهير في العصمة، وافترقت عنهم في وجوب العصمة. وهذا التخصيص يحتاج إلى دليل، لأنهم - وإن كانوا متساويين في ماهية العصمة - إلا أنهم ينفردون في وجوبها ولزومها، وعلى المخصص إقامة الدليل; ولم يعرف أحد أقام هذا الدليل لإخراج فاطمة (عليها السلام). ولزوم عصمة فاطمة له منشآن: أحدهما من الله مباشرة والآخر بالتبع.
وقد أثبت التحقيق أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لابد أن يكون معصوما على وجه الوجوب واللزوم عندنا نحن الإمامية، وكم من الأنبياء بعثوا إلى أنفسهم ولم تكن لهم رئاسة في الرسالة، فهل نقول: إنهم ليسوا معصومين؟! لا; ليس الأمر كذلك، فقد يجعل الله العصمة واجبة في وجود امرئ ولا يجعل له الإمامة.