حكي أنه لما احترق المسجد بمرو ظن المسلمون أن النصارى أحرقوه فأحرقوا خاناتهم، فقبض السلطان على جماعة من الذين أحرقوا الخانات وكتب رقاعا فيها القطع والجلد والقتل ونثرها عليهم، فمن وقع عليه رقعة فعل به ما فيها، فوقعت رقعة فيها القتل بيد رجل، فقال: والله ما كنت أبالي لولا أم لي، وكان بجنبه بعض الفتيان فقال له: في رقعتي الجلد وليس لي أم، فخذ أنت رقعتي وأعطني رقعتك، ففعل فقتل ذلك الفتى وتخلص هذا الرجل (1).
وهذه الصفة محمودة للغاية بحيث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرش رداءه لعدي بن حاتم لما قدم عليه وأجلسه (2).
وقد وصلتنا أخبار عديدة وبيانات أكيدة عن طرق العامة والخاصة في هذه الخصلة الحميدة، ننقل منها شيء على سبيل الاختصار للمناسبة، ولتكون باعثة على تهذيب الأخلاق لمن نظر في هذه الأوراق.
ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: تجاوزوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر، ومانح له كلما افتقر (3).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «الخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله» (4).
وقال أيضا: «ألا وإن السخاوة شجرة في الجنة، وأغصانها مدلاة في