الذهب، فضحك وقال: إذا طهر قلبك لا تبالي ما لبست وعلى ما جلست. فقلت له: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن ذلك، ثم أشار إلى خادم فما كان أسرع من أن جاء ومعه وصائف يحملن الموائد والأطعمة فوضعت، ثم أتوا بمائدة من ذهب عليها صحائف الفضة، وأتوا بطبق من خيزران وبآنية الزجاج، فأكلنا ورفعنا أيدينا عن الطعام، فأتى الخادم بطست وكوز من ذهب فشرب به خمسة، ثم وضعت بين يديه كراسي غيره فجلست عليها جوار مثل الدمي، وجائت جارية في يمينها جام ذهبي، وفي شمالها جام فضي، وعلى رأسها حمام أبيض مزخرف، فوضعت الجامين، فإذا في الذهبي ماء ورد، وفي الفضي سحيق المسك، ثم نفر الحمام فوقع في ذلك مرة وفي هذا أخرى، ثم طار بما ألزق بجناحيه من ماء الورد والمسك حتى وقع على تاجه فانتفض... والقصة طويلة في كتب التاريخ.
وكان حسان بن ثابت قد قال فيه وفي تنصره شعرا، فسأل جبلة الرسول عن حسان فقال: قد عمي وهو في شدة هذه الأيام، فأمر له بخمسمائة دينار هرقلية وخمسة أثواب وجبة كان يلبسها (1).
قال الرسول: فلما قدم على عمر أخبرته خبر جبلة، ثم ذكرت له الهدية التي أهداها إلى حسان بن ثابت، فبعث إليه وقد كف بصره فأتي به وقائد يقوده، فلما دخل قال: إني لأجد ريح آل جفنة عندك، فقال عمر: نعم، قد نزع الله تبارك وتعالى منه على رغم أنفه وأتاك بمعونة.