ضعف تدريجيا وبادت قواه، وكان جالسا ذات يوم في مكان لم يعهد أن يرى فيه ذئب، ففوجئ بذئب يهجم عليه فعجز عن الدفاع لضعفه، فافترسه الذئب من دبره فأخذ يخاطبه ويقول: يا ذئب إنك لتستمد بسرم كريم.
يا للعجب من إنسان يعجز عن دفع شر حيوان أذل وأخس من الكلب، ويتظاهر بالكبر والعجب وهو في تلك الحالة!!
وإذا أردنا ذكر حالات المتكبرين من العرب لطال بنا المقام وخرجنا عن موضوع الكتاب، لذا سنكتفي بهذا القدر.
وصفة الكبر تمحق مراتب الإنسانية والشرف، وعكسه التواضع يرسخها ويثبتها. قيل: الرجال ثلاثة: سابق ولاحق وماحق; والأول من سبق الآخرين في الفضل، والثاني من مشى في درجات الشرف لاحقا بآبائه، والثالث من محق شرف آباءه.
وفي المثل «ليس للمختال في حسن الثناء نصيب» (١) حيث لا يثني عليه أحد من الخلق، وليس له نصيب عند الخالق، فهو محروم في الدنيا والآخرة و ﴿ذلك هو الخسران المبين﴾ (2).
ومعلوم أن الإنسان كلما تفكر وتدبر ونظر في المعارف الدينية والصنائع الإلهية ازداد كمالا في المعرفة واليقين وأعرض عن الصفات الرذيلة، ومال إلى الملكات الحسنة مثل التواضع والترابية، واتجه نحو أسباب التقرب والطاعة وابتعد عن موجبات البعد عن الله.