إعلم; إن الرعونة في العرب كانت سائدة، قال في مجموعة ورام: «.. أمرت العرب الذين يتكبرون على الله ورسوله بالإيمان وبالصلاة جميعا، وقيل للصلاة «عماد الدين»، وفي الصلاة أسرار لأجلها كانت عمادا، ومن جملة ما فيها من التواضع بالمثول قائما وبالركوع والسجود، وقد كانت العرب قديما يأنفون من الإنحناء، وكان يسقط من يد الواحد سوطه فلا ينحني لأخذه، وينقطع شراك نعله فلا ينكس رأسه لإصلاحه، فلما كان السجود عندهم هو منتهى الذلة والصغار أمروا به لتنكسر بذلك خيلاؤهم ويزول كبرهم ويستقر التواضع في قلوبهم، وبه أمر سائر الخلق، فإن الركوع والسجود والمثول قائما هو العمل الذي يقتضيه التواضع..» (1). والطريق الأفضل لتربية العبد وتأديبه هو التواضع.
والكبر غالبا ما ينتهي إلى الكفر، وما أبعد الإنسان عن الكبر، وما أقبحه إذا إدعاه وهو المسكين الحقير الذي خرج بادئ الأمر من مخرج البول، ودخل في مخرج البول، وطوى النشئة في الظلمات الثلاث، وهو في غاية الضعف والعجز، لا يدفع عن نفسه نملة تدخل أذنه، ولا شوكة تخترق رجله، تنقل من الماء المهين والنطفة الأمشاج إلى العلقة والمضغة، ثم رقى من ذلك المقام فتغذى بدم الحيض، وحبس في مشيمة الرحم، وهو يحمل في أعضائه الصورية القذر من رأسه حتى قدميه، ففي أنفه المخاط، وفي أذنه الوسخ، وتحت الجلد الدم، وفي الأمعاء القاذورات، وفي المثانة البول، وقذارت الإنسان في حد لو أنه لم ينظف نفسه في اليوم مرة على الأقل لما استطاع أحد معاشرته وتنفر عنه أصدقائه وأقرب الناس