وتفصيل قصته: إن جبلة بن الأيهم آخر ملوك بني جفنة وفد على عمر بن الخطاب في خمسمائة فارس من عك وجفنة، فلما دنا من المدينة ألبسهم ثياب الوشي المنسوج بالذهب والفضة، ولبس يومئذ جبلة تاجه وفيه قرط مارية، وهي جدته مارية بنت طالم بن عمرو، وكان في القرط جوهرتان نفيستان لا يوجد مثلهما في خزائن ملوك الأرض، حجم الواحدة منها كبيض الحمام، فلم يبق يومئذ بالمدينة أحد إلا خرج ينظر إليه، حتى النساء والصبيان، وفرح المسلمون بقدومه وإسلامه حتى حضر الموسم من عامه ذلك مع عمر بن الخطاب، فبينما هو يطوف في البيت إذ وطئ على إزاره رجل من بني فزارة فحله، فالتفت إليه جبلة مغضبا فلطمه فهشم أنفه، فاستعدى عليه الفزاري عمر بن الخطاب فبعث إليه، فقال: ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك هذا الفزاري فهشمت أنفه؟
فقال: إنه وطئ إزاري فحله، ولولا حرمة هذا البيت لأخذت الذي فيه عيناه.
فقال له عمر: أما أنت فقد أقررت، إما أن ترضيه وإلا أخذته منك.
قال: أتقيده مني وأنا ملك وهو سوقة؟
قال: يا جبلة إنه قد جمعك وإياه الإسلام، فما تفضله بشيء إلا بالعافية.
قال: رجوت أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية، فإذا أتنصر.
قال عمر: إذا تنصرت ضربت عنقك.