الإلهي ابتدأ بمجيء الإسلام وبعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم إعتزل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث سنين بعد البعثة ولم يصدع بالأمر ولم يكن من أهل الإيمان يومها إلا نفران، رجل وامرأة، هما أمير المؤمنين وخديجة الطاهرة وثالثهما فاطمة حيث أن خديجة ولدت فاطمة (عليها السلام) لخمس سنين بعد النبوة، أي في بدو ظهور الإسلام، أما باقي بناتها فقد دخلن الإسلام بعد الهجرة أو مقارنا لها، بينما ولدت المعصومة الكبرى ونزلت من رحم أمها مسلمة مؤمنة إلى حين وفاتها، وكم يشابه قبول إسلام فاطمة (عليها السلام) وهي صغيرة إسلام أمير المؤمنين (عليه السلام) واستكماله الخصال المحمودة منذ نعومة أظفاره، وهذا خير دليل على التأييد السبحاني والتسديد الرباني لهما.
وعادة المرتاضين أنهم يرتاضون أربعين سنة أو أربعين يوما، ثم لا بد أن يجنوا ثمرة رياضتهم بالوصول إلى مطلوبهم وتحقيق مقصودهم، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تعبد بالعبادات الخاصة وصبر فظفر بالثمرة، وأفاد خير فائدة، وهي الوجود المقدس لسيدة النسوان وروح العالمين، حيث كانت دائما وأبدا تشاهد وهي في كنف الحضرة النبوية الإشراقات والإلهامات والإفاضات والإيحاءات التي كان ينزل بها روح القدس جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)، فتستفيض منها في كل آن وزمان.
نعم، لقد ولدت فاطمة فتجلى نور جديد، وانجلت نورانية خاصة، وصار لدعوة سيد الأنام قوام جديد من بزوغ ذاك النور وطلوع ذاك الوجود المقدس، ودبت حياة جديدة في الكيان الإسلامي، وقد قيل: إن البنت بركة وقدومها ينزل الرحمة، فكانت بشارة خير وتفأل حسن صدق الخبر اليقين، حيث أضحت سوق الإسلام تزدهر بعد ولادتها يوما فيوما، وصارت حصون الشرك والكفر تندك رويدا رويدا، وأخذت الأصنام وعبادها والملل وأصحابها والديانات القديمة وأتباعها تتزلزل، فذهلوا وتخبطوا وحاولوا وتشبثوا بكل صغير وكبير، والتجؤا