الحيوان إذا أصاب تراب قدمه الجماد الصامت نطق، كما صار لعجل السامري خوار، إذ أن جميع الجسمانيات تتأثر بالروح الأمين وتظهر عليها علامات الحياة.
فعرق جبرئيل أفاض الحياة الخالدة على تلك النطفة الطيبة، وعلامة تلك الفيوضات والألطاف الربانية الخاصة التي أودعت فيها قبل التوديع وجبلت في سجيتها الزكية أنها تكلمت في رحم أمها قبل الولادة خلافا للعادة، وأنها أقرت بالشهادتين وذكرت أسماء أبنائها المعصومين جميعا; وسيأتي الحديث عن ذلك مفصلا ضمن الكلام عن ولادتها إن شاء الله تعالى.
في بيان معنى الحديث: «فاطمة خير نساء أمتي إلا ما ولدته مريم (عليها السلام)» مقارنة بين فاطمة (عليها السلام) ومريم ويمكن استنتاج المعنى المذكور من الحديث المشهور على الألسن، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «فاطمة خير نساء أمتي إلا ما ولدته مريم».
فإذا قلنا أن «إلا» للاستثناء يعترضنا إشكال عضال إنبرى أهل التحقيق لبيانه والإجابة عليه تفصيلا، وليس الآن محل بيانه.
ولكن الكلام في قوله «إلا ما ولدته مريم» فالظاهر من مقصود سيد الأنام أفضلية مريم على نساء الأمة بمولودها عيسى (عليه السلام)، حيث أنها ولدته ولم يمسسها بشر وليس لفاطمة هذه المكرمة فتكون مريم أفضل نساء الأمة من هذه الجهة!
والذي خطر على بالي حين التحرير أن هذا الحديث يؤكد مضمون الحديث السابق، من أن فاطمة خلقت من عرق جبرئيل وزغبه، وبيانه يحتاج إلى مدد من الروح الأمين، فنقول: