وكان جبريل روح القدس يؤنسنا * فغاب عنا وكل الخير محتجب (1) فكان لأهل بيت الرسالة كرامتان من نزول جبرئيل: أحدهما نزوله بالوحي، والثاني نزوله بدون وحي، ونزوله مطلقا وإن كان بدون وحي دليل على نزول البركات وإفاضة الفيوضات، ومن مفاخر الآل أن بيوتهم كانت مختلف الملائكة.
وإني أعتقد: أن جبرئيل انقطع عن النزول لتبليغ الوحي حيث انقطع الوحي بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكنه كان ينزل خمس مرات في اليوم على فاطمة بعد أداء الفرائض، ويزورها ويحدثها بما يشبه الوحي، ويخبرها بما هو كائن وما يكون، ويسليها، ومنه تجمع مصحف فاطمة (عليها السلام)، وبعد وفاة فاطمة انقطع جبرئيل عن النزول إلى الأرض، ومراد الزهراء (عليها السلام) من انقطاع روح القدس وغيابه - في مرثيتها - انقطاع الوحي بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولجبرئيل خصوصية من بين مفردات السلسلة الملكوتية في حفظ الأسرار والمحرمية المعنوية مع السيد المختار، فله موقع خاص من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من بين سكان السماوات، وكما كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) موقع خاص منه في الأرض; ولذا استأذن جبرئيل في الدخول تحت الكساء - في حديث الكساء - مع وجود فاطمة، ثم أذن له فدخل ونال ذاك الشرف العظيم. وفي رواية أنه باهى بهذا الإذن ملائكة السماء (2).
وعلى ما هو المعلوم أن الجهة المانعة من دخول جبرئيل كانت وجود فاطمة (عليها السلام) بينهم، والإستئذان كان رعاية للأدب معها (عليها السلام)، فلما أذن له افتخر