لتلك النطفة الطيبة، وقد تناولهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معا وتوأما.
انظروا أيها الأحبة إلى هذا الشرف الرفيع والفضل العظيم! وكيف أن الرب العطوف من على حبيبته فاطمة وجعلها في حجاب الحياء، وحفظها في ستار العصمة!
فإن قيل: إن الأخبار ذكرت أن جبرئيل اقتطف التفاحة وناولها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجنة، أو أنه حملها معه إلى الأرض وضمها إلى صدره ثم قدمها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلى كلا الخبرين فقد مس جبرئيل تلك التفاحة، فكيف قلت: إن نطفتها المباركة لم يمسها أحد أليس، هذا تعارض وتناقض؟!
قلت:
أولا: إن مس الظرف غير مس المظروف.
وثانيا: إن المراد من عدم المس، نفي مس البشر وأصلاب الآباء وأرحام الأمهات، لا مس الملائكة.
وثالثا: لا يمكن أن ينعقد هذا العقد بدون توسط جبرئيل، وهو الواسطة في إفاضة الحياة كما تقدم.
ورابعا: إن إيصال جبرئيل، الملك الجليل المقرب من الساحة الأحدية، المتعلق بالكمال والتمام بالعرى الربانية، المنسوب إلى سيد الأنام بصفة الخدمة والأخوة، المحسوب في عداد هذه الأسرة الطيبة، المفتخر بالكون منها، خارج عن هذا العنوان ولا يدخل ضمن هذا الكلام، بل يعد شرفا لهذه الأسرة حيث صار بيتهم مهبطا لجبرئيل ومحلا لنزوله.
قالت فاطمة (عليها السلام) في مرثيتها: