وبالبداهة وشهادة الوجدان: إن الثمرة الواحدة من الشجرة تعطي أشجارا وثمارا تنسب جميعها إلى تلك الثمرة، وتلك الثمرة هي خلاصة الشجرة..
ولذا صح أن يقال لفاطمة (عليها السلام): أم أبيها، وأم العلوم، وأم الفضائل، وأم الأزهار، وأم الكتاب، وأم القرى، وفي هذا دليل على صحة ما أسلفنا من أقوال في الخصائص السابقة.
وعلى أي حال; فإن وجود فاطمة كان برهانا قاطعا على حقيقة نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولربما عرف الأب بالولد، وإن كان بنتا، فكما كان لفاطمة شرف النبوة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فخر الأبوة لفاطمة، وقد جعلها الله مساوية لأمير المؤمنين في آية المباهلة.
والخلاصة: لا يمكن أن يعذلني أحد أو يلومني على كلماتي المكررة وفقراتي المقررة المسطرة، فأنا العبد الذليل العليل، أرى نفسي تالي الغالي في تحرير وتقرير فضائل تلك المخدرة وفواضلها، وإني أعتقد بما يدل على علو قدرها وسمو مقامها بما هو فوق ما يتصور ويدور في الخلد، إلا ما كان من مرتبة النبوة والولاية المرتبطتين والمتحدتين ببعضهما، ولكل منهما مقامه ومزيته، فلا أجد مرتبة أعلى وأجلى من مرتبة الريحانة المصطفوية وشمس الفلك المحمدية.
وأملي أني استطعت أن أخرج ما في كوامني، وأبدي ما في خلدي، وأكتب في هذه الصحيفة الفاطمية ليبقى ذكري، أودعها في هذه الأوراق لعلي أزرع في قلوب محبي فاطمة وذريتها الطاهرة بذور الود والمحبة، فأجد بذلك طريقا إلى دعائهم، فقد تشملني دعواتهم وتوجب لي الغفران والبعد عن الخذلان والخسران.
اللهم أنت ولي نعمتي، والقادر على طلبتي، وتعلم حاجتي، فأسألك بك وبحق فاطمة عليك; لا بل بحقك عليها، أن تجعلني من محبي محبيها، ولا تفرق بيني وبينهم طرفة عين أبدا.