وتباهى لأنه صار محرما وموضعا لأسرارهم (عليهم السلام)، وعلم اتصاله وانتسابه المعنوي إلى آل العصمة، وكأن الاستئذان كان اختبارا ليعرف ما إذا كان له قابلية الحضور في هذا الجمع. ثم عاد من بعد الإذن إلى سدرة المنتهى مسرورا محبورا مختبطا بما لا يصفه بيان، ولا يسعه التصور في جنان، وفي ذلك قال ابن أبي الحديد المعتزلي شعرا:
يزاحمهم جبريل تحت كسائهم * لها قيل: كل الصيد في جانب الفرا (1) وقد جعلت في شرحي لحديث الكساء، هذه القضية دليلا على عصمة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، حيث أن جماعة معصومة كهذه لا يمكن أن يحضرها ويدخل فيها إلا من كان معصوما، أما غير المعصوم فلا يؤذن له بالدخول كما فعل بأم سلمة حينما سألت الدخول معهم، فأجابها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنك على خير» (2)، فلم يؤذن لها بالدخول لعدم عصمتها، أو لوجود أمير المؤمنين (عليه السلام) معهم.
وهذه الدقائق واللطائف لم يذكرها أحد من أهل الحديث، ولو ذكروها لم يقيدوها بالكتابة ويحصروها في كتاب، وإني ذكرتها على سبيل الإختصار اضطرارا وأشرت إليها إجمالا لأطوي صفحات هذا الدفتر الفاطمي بسرعة، خوفا من أن تحول إطالة الحديث دون إتمامه لحلول الأجل، فالحديث طويل والعمر غايته في القصر.