ويعد نزول الملائكة إلى الأرض رحمة وبركة للعالمين، ونزولهم على بيت، أو أهل بيت، بركة على بركة، سيما إذا كان النازل جبرئيل الأمين إمام الملائكة وحامل الوحي شديد القوى، الذي كان ينزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بآلاف الفيوضات المعنوية والفواضل الروحانية البهيجة، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يغتنم رحمة قدومه ويتلطف إليه تلطفا خاصا.
وعليه: فالمراد من زغبه وعرقه الألطاف الخاصة والأفضال المختصة التي كان يفيضها مفيض الخير والجود على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الجليل بواسطة جبرئيل (عليه السلام).
وبعبارة أخرى: إن قسما من أقسام نور وجود جبرئيل (عليه السلام) ألحق - حينئذ - بأمر الملك العلام بتلك النطفة الزكية، فأشرق فيها وصار جزء متمما ومكملا لها في هذا العالم العنصري، وعبر عن ذلك بالزغب والعرق لضيق عالم الملك والشهود عن استيعاب جزئيات الملكوت الأعلى.
ولعل الصفرة التي تعتري وجه فاطمة الطاهرة وقت الظهر إشارة إلى صفرة زغب جبرئيل (عليه السلام).
ولعله بقي هذا اللون - وهو برزخ بين البياض والحمرة - في وجهها الوضاء من إفاضات نور جبرئيل (عليه السلام).
وسبق وأن ذكرنا حديثا في هذا المعنى في الحديث عن معنى «الزهراء» وخلق العقيق الأصفر من النور الزهرائي.
وأما إذا ذهبنا إلى أن العرق والزغب كان من ذاك البدن اللطيف الحسي المستعار لجبرئيل، كما ورد في الأخبار، فلا يعدو ذلك أن يكون خصيصة من خصائص فاطمة (عليها السلام)، حيث امتزجت صورتها الحسية وقالبها الملكي - أي تفاحة