وضمها إلى صدره إعظاما لهدية الله ومحبة لكرامة الله، ثم استئذن جبرئيل وتناولها.
ولا يقدر أحد قط على تصور حالة النشاط والسرور والانبساط التي عاشها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجبرئيل في تلك اللحظة.
أما جبرئيل: فلأنه كان حاملا لذلك النور الموفور السرور، وأنه رد الوديعة الإلهية وأدى الأمانة، ويشهد لبالغ سروره شدة التزامه وضمه إياها إلى صدره، وهو تعبير عن شدة الحب.
وأما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فقد سر لهذا العطاء والكوثر الكثير، لما امتن به الله عليه وأراه ثمرة شجرة وجوده وحاصل عمره، واسترد وديعته المنيفة حيث تناولها من يد الحق، فعاد النور إلى النور ورجعت تلك اللطيفة الإلهية إلى مقرها الأصلي، وصار صلب النبي الأطهر (صلى الله عليه وآله وسلم) مقرا لذلك النور المطهر.
وأما زغب جبرئيل فكأنه تعويذ وحرز لحفظ روح قدوة آل الخليل (عليه السلام)، وقد ورد نظيره في البصائر والبحار من تعويذ فاطمة (عليها السلام) الحسن والحسين (عليهما السلام) بزغب جبرئيل حيث جمعته وشدته بساعديهما (1).
وأيضا عن الصادق (عليه السلام) أنه كان يجمع بيده المبارك من حجرته الشريفة ما يتناثر فيها من زغب الملائكة (2).
وأما إذا قلنا: أن زغب جبرائيل كان من جسده الأصلي، فلا يسعنا إلا أن نقول: إنها الإفاضات والبركات الخاصة.