بيان لأهل البيان بين (عليه السلام) أن النطفة الطاهرة للمخدرة الكبرى خلقت من تفاح الجنة، ومن تفاحها المتعرق الممزوج بعرق جبرئيل وزغبه، ومن رطب الجنة، ومن ثمار الجنة، ومن ثمار شجرة طوبى، ومن الرطب والعنب والماء الذي جيء به من الجنة، ولا تعارض بين هذه الأخبار، حيث أن السيدة فاطمة (عليها السلام) ولدت بعد المعراج بثلاث سنين، ولا يبعد أن يكون النبي قد تناول التفاح والرطب وثمارا أخرى ليلة المعراج، ولما عاد إلى الأرض أكرم بتحفة الرب إكراما وإعظاما وتلبية لرغبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في تناول ثمار الجنة، فأهدى له منها بعد المعراج أيضا.
وعدم التنافي بين الأخبار واضح جدا لمن كان له ممارسة في أخبار أهل بيت العصمة (عليهم السلام).
وينبغي التوقف عند الخبر الأخير، لما فيه من دلالة على عظمة الزهراء وعلو شأنها ومكانتها حيث سيتضح للمتأمل:
أولا: تجلي جبرئيل بصورته الأصلية، وقد تجلى للنبي في موضعين آخرين:
أحدهما في غار حراء يوم المبعث، على ما روي، والآخر ليلة المعراج بمفاد قوله ﴿ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى﴾ (1). وفي هذا دليل على عظمة مهمته وجلالة الأمر الذي جاء به، وهو انعقاد النطفة الطاهرة لفاطمة المطهرة.
ثانيا: التعبد بصيام وقيام أربعين يوم وليلة، وإعتزال الخلق، وهجران فراش خديجة، وفي هذا دليل على شرف عدد الأربعين، وتشديد الشوق والميل