أبي طالب، أي كما تقدم قريبا.
ولو كانت هذه الشهادة عنده لأداها بعد إسلامه وعلم حال أبي طالب ولم يسأل عنه، والمعتبر حالة الأداء دون التحمل.
وقال الحافظ: لو كان أبو طالب قال كلمة التوحيد ما نهى الله تعالى نبيه عن الاستغفار له.
وروى عبد الرازق والفريابي والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم) [الأنعام 26] نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينأى عما جاء به.
وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه عن علي رضي الله عنه قال: لما مات أبو طالب أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله مات عمك الضال. وفي لفظ أن أبا طالب مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فواره. قال: فلما واريته جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال اغتسل (1).
وبما ذكر أيضا تبين بطلان ما نقله المسعودي المؤرخ أنه أسلم، لأن مثل ذلك لا يعارض الأحاديث الصحيحة.
تنبيهات الأول: قال السهيلي: الحكمة في كون أبي طالب منتعلا بنعلين من نار أن أبا طالب كان مع النبي صلى الله عليه وسلم بجملته إلا أنه كان مثبتا لقدميه على ملة عبد المطلب حتى قال عند الموت: هو على ملة عبد المطلب فسلط العذاب على قدميه خاصة لتثبيته إياهما على ملة آبائه.
الثاني: قال الحافظ: الآية التي فيها النهي عن الاستغفار نزلت بعد موت أبي طالب بمدة وهي عامة في حقه وحق غيره، ويوضح ذلك ما عند البخاري في كتاب التفسير بلفظ:
فأنزل الله بعد ذلك. إلى آخره.
الثالث: إنما عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن يقول لا إله إلا الله. ولم يقل فيها:
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكلمتين صارتا كالكلمة الواحدة. ويحتمل أن يكون أبو طالب كان يتحقق أنه رسول الله، ولكن كان لا يقر بتوحيد الله تعالى ولهذا قال في أبياته النونية: