قال البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه: عرض جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة السبت وليلة الأحد، ثم أتاه بالرسالة ليلة الاثنين ففجأه الحق - وفي لفظ: فجاءه الحق - وهو في غار حراء وفي رواية: فأتاه جبريل وميكائيل، فنزل جبريل وبقي ميكائيل واقفا بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: هو هو. قال: فزنه برجل. فوزنه به فرجحه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: زنه بعشرة فوزنه فرجحهم. قال: زنة بمائة. فوزنه فرجحهم. قال: زنة بألف. فوزنه فرجحهم. ثم جعلوا يتساقطون عليه من كفة الميزان فقال ميكائيل: تبعته أمته ورب الكعبة ثم أجلس على بساط كهيئة الدرنوك، فيه الياقوت واللؤلؤ، فقال أحدهما لصاحبه: شق بطنه.
فشقه فأخرج منه مغمز الشيطان وعلق الدم فطرحها فقال أحدهما لصاحبه: خط بطنه غسل الإناء واغسل قلبه غسل الملاء. ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه. فخاطه. ثم أجلساه فبشره جبريل برسالة ربه حتى اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له جبريل: اقرأ فقال: ما أنا بقارئ. فغطه حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله فقال له اقرأ قال: ما أنا بقارئ. فغطه حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله فقال له اقرأ قال: ما أنا بقارئ فغطه حتى بلغ منه الجهد.
ثم أرسله فقال: (اقرأ) أو جد القراءة: مبتدئا (باسم ربك الذي خلق) الخلائق (خلق الإنسان) الجنس (من علق) جمع علقه وهي القطعة اليسيرة من الدم الغيظ وجمعها لأن الإنسان في معنى الجمع (اقرأ) تأكيد للأول. (وربك الأكرم) الذي لا يوازيه كريم. (الذي علم) الخط (بالقلم) وأول من خط إدريس صلى الله عليه وسلم.
ثم أفرد ما هو أشرف وأظهر صنيعا وتدبيرا وأدل على وجوب العبادة المقصودة من القراءة فقال: (علم الإنسان) الجنس (ما لم يعلم) قبل تعليمه من الهدى والكتابة والصناعة وغيرها.
وهذا القدر من هذه السورة هو الذي نزل أولا بخلاف بقية السورة فإنما نزل بعد ذلك فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ترجف بوادره. وفي لفظ: فؤاده. لا يلقاه حجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله.
فرجع إلى بيته وهو موقن قد فاز فوزا عظيما فدخل على خديجة فقال: (زملوني زملوني). فزملوه حتى ذهب عنه الروع. قال أرأيتك الذي كنت أخبرتك أني رأيته في المنام؟
فإنه جبريل استعلن لي أرسله إلي ربي. وأخبرها الخبر. وقال: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتصدق الحديث وتؤدي الأمانة وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق، فاقبل الذي جاءك من الله فإنه حق، وأبشر فإنك رسول الله حقا.
ثم انطلقت حتى أتت غلاما لعتبة به ربيعة بن عبد شمس نصرانيا من أهل نينوى يقال