عهد إبراهيم يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والوقوف على عرفة والمزدلفة وهدي البدن والإهلال بالحج والعمرة مع إدخالهم فيه ما ليس منه، فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا: لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تبارك لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:
(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) [يوسف 106] أي ما يوحدونني بمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من خلقي.
قال ابن إسحاق: وكان لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها، فكان الذين اتخذوا تلك الأصنام من ولد إسماعيل أو غيرهم وسموها بأسمائها حين فارقوا دين إسماعيل، فاتخذ هذيل بن مدركة سواعا، وكان لهم برهاط، واتخذ كلب بن وبرة من قضاعة ودا بدومة الجندل، واتخذ كلب بن وبرة بن ثعلبة بن حلون بن عمران وأهل جرش من مذحج اتخذوا يغوث.
واتخذ خيوان، بطن من همدان، يعوق بأرض همدان من اليمن.
واتخذ ذو الكلاع من حمير نسرا بأرض حمير، واتخذ الأديم، بطن من خولان، صنما يقال له عم أنس يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسما بينه وبين الله تعالى بزعمهم، فما دخل في حق عم أنس من حق الله تعالى الذي سموه له تركوه له، وما دخل في حق الله تعالى من حق عم أنس ردوه عليه، فأنزل الله تعالى: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا، فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون) [الأنعام 136].
وكان لبني ملكا بن كنانة بن خزيمة بن مدركة صنم يقال له سعد، صخرة بفلاة من أرضهم طويلة، فأقبل رجل من بني ملكان بإبل له مؤبلة ليقفها عليه التماس بركته فيما يزعم، فلما رأته الإبل وكانت مرعية لا تركب وكان يهراق عليه الدماء نفرت منه فذهبت في كل وجه، وغضب ربها الملكاني فأخذ حجرا فرماه به ثم قال: لا بارك الله فيك! نفرت علي إبلي. ثم خرج في طلبها حتى جمعها فلما اجتمعت له قال:
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا * فشتتنا سعد فلا نحن من سعد وهل سعد إلا صخرة بتنوفة * من الأرض لا يدعى لغي ولا رشد (1) واتخذت قريش صنما على بئر في جوف الكعبة يقال له هبل، واتخذوا إسافا ونائلة