وروى ابن سعد وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: لما وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الركن ذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجرا يشد به الركن فقال العباس: لا. وناول العباس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجرا فشد به الركن فغضب النجدي وقال: واعجبا لقوم أهل شرف وعقول وأموال عمدوا إلى رجل أصغرهم سنا وأقلهم مالا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحرزهم كأنهم خدم له! أما والله ليفرقنهم شيعا وليقسمن بينهم حظوظا وجدودا.
فيقال إنه إبليس - زاد غيره: فكاد يثير شرا فيما بينهم ثم سكنوا.
وقال هبيرة بن أبي وهب المخزومي حين جعلت قريش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حكما:
تشاجرت الأحياء في فصل خطة * جرت طيرهم بالنحس من بعد أسعد تلاقوا لها بالبغض بعد مودة * وأوقد نارا بينهم شر موقد فلما رأينا الأمر قد جد جده * ولم يبق شئ غير سل المهند رضينا وقلنا العدل أول طالع * يجئ من البطحاء عن غير موعد فلم يفجنا إلا الأمين محمد * فقلنا رضينا بالأمين محمد بخير قريش كلها أمر ديمة * وفي اليوم مع ما يحدث الله في الغد فجاء بأمر لم ير الناس مثله * أعم وأرضى في العواقب والبدي أخذنا بأكناف الرداء وكلنا * له حصة من رفعه قبضة اليد فقال ارفعوا حتى إلا ما علت به * أكف إليه فسر في خير مسند وكان رضينا ذاك عنه بعينه * وأعظم به من رأى هاد ومهتد لتلك يد منه علينا عظيمة * يروح بها ركب العراق ويغتدي ولما بنت قريش الكعبة جعلت ارتفاعها من خارجها من أعلاها إلى الأرض ثمانية عشر ذراعا، منها تسعة أذرع زائدة على طولها حين عمرها الخليل صلى الله عليه وآله وسلم واقتصروا من عرضها أذرعا جعلتها في الحجر لقصر النفقة الحلال التي أعدوها لعمارة الكعبة عن إدخال ذلك فيها، ورفعوا بابها ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، وجعلوا في داخلها ست دعائم في صفين، ثلاث في كل صف من الشق الذي يلي الحجر إلى الشق اليماني وجعلوا في ركنها الشامي من داخلها درجة يصعد منها إلى سطحها وجعلوه مسطحا وجعلوا فيه ميزابا يصب في الحجر.
تنبيهات الأول: اختلف في سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينئذ.