تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة: رجل من قريش. فقال الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، أفي عينيه حمرة؟ قال ميسرة: نعم لا تفارقه. فقال الراهب: هو هو، وهو آخر الأنبياء، ويا ليت أني أدركه حيث يؤمر بالخروج.
وعن أبي سعد النيسابوري في الشرف: فلما رأى الغمامة فزع وقال: ما أنتم؟ قال:
ميسرة غلام خديجة، فدنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم سرا من ميسرة وقبل رأسه وقدميه وقال: آمنت بك وأنا أشهد أنك الذي ذكره الله في التوراة. ثم قال: يا محمد قد عرفت فيك العلامات كلها خلا خصلة واحدة فأوضح لي عن كتفك. فأوضح له، فإذا هو بخاتم النبوة يتلألأ، فأقبل عليه يقبله، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله النبي الأمي الذي بشر بك عيسى ابن مريم فإنه قال: لا ينزل بعدي تحت هذه الشجرة إلا النبي الأمي الهاشمي العربي المكي صاحب الحوض والشفاعة وصاحب لواء الحمد. انتهى.
فوعى ميسرة ذلك.
ثم حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سوق بصرى فباع سلعته التي خرج بها واشترى، فكان بينه وبين رجل اختلاف في سلعة فقال الرجل: احلف باللات والعزى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما حلفت بهما قط (1). فقال الرجل: القول قولك. ثم قال لميسرة وخلا به: يا ميسرة هذا نبي هذه الأمة والذي نفسي بيده إنه لهو تجده أحبارنا منعوتا في كتبهم، فوعى ميسرة ذلك.
ثم انصرف أهل العير جميعا، وكان ميسرة يرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كانت الهاجرة واشتد الحر، يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره. وكان الله تعالى قد ألقى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المحبة من ميسرة، فكأنه عبد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعند أبي سعد في (الشرف) أنهم باعوا متاعهم وربحوا ربحا لم يرجوا مثله قط، فقال ميسرة: يا محمد أتجرنا لخديجة أربعين سنة ما رأيت ربحا قط أكثر من هذا الربح على وجهك.
فلما كانوا بمر الظهران قال ميسرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل لك أن تسبقني إلى خديجة فتخبرها بالذي جرى لعلها تزيدك بكرة إلى بكرتيك. فركب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قعودا أحمر فتقدم حتى دخل مكة في ساعة الظهيرة وخديجة في علية لها معها نساء فيهن نفيسة بنت منية فرأت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين دخل وهو راكب على بعيرة وملكان يظلان عليه فأرته نساءها فعجبن لذلك.
ودخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخبرها بما ربحوا فسرت بذلك وقالت: أين ميسرة؟
قال: خلفته في البادية. قالت: عجل إليه ليعجل بالإقبال. وإنما أرادت أن تعلم أهو الذي رأت