في ذلك لبعد الزمان وعدم المشاهدة ومخالفة الأحاديث السابقة في طهارة نسبه صلى الله عليه وسلم.
على أن الزمخشري جزم بأن الاستثناء في الآية إنما سيق للمبالغة في التحريم وسد الطرق إلى الإباحة لأن المعنى إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوه. فإنه لا يحل لكم غيره، من قبل أنه علق نقيض المدعى وهو إثبات الحل بالمحال وهو نكاح ما سلف، فيكون محالا، وحينئذ فعدم الحل متحقق إذ ذاك، لا سيما وقد أخبر عنه بأنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا، بخلاف الجمع بين الأختين فإنه مع ذكر الاستثناء فيه أيضا وقع مقترنا بما يدل على أن ما وقع منه قبل كان مغفورا حيث عقب بقوله تعالى: (إن الله كان غفورا رحيما). وهذا كما في قوله: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب فأكد المدح بما يشبه الذم، لأن المعنى إن كان فلول السيف عيبا فهو عيب، وليست بعيب لأنها من كمال الشجاعة فإثبات العيب على هذا التقدير تعليق بمحال، كما في قوله تعالى: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) وعلى هذا جرى الإمام الطيبي (1) رحمه الله تعالى وبسط الكلام عليه، والله تعالى أعلم.
ابن كنانة كنانة: بكسر الكاف ونونين مفتوحتين بينهما ألف ثم هاء منقول من الكنانة التي هي الجعبة بفتح الجيم وسكون العين المهملة، وسمي بذلك لأنه كان سترا على قومه كالكنانة الساترة للسهام. قال الزجاجي من أمثالهم: " قبل الرماء تملأ الكنائن ". ويكنى أبا النضر وأمه عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان بن مضر. ويقال هند بنت عمرو بن قيس بن عيلان. وقال أبو الحسن سلام بن عبد الله بن سلام الإشبيلي. قال أبو عمرو رحمه الله تعالى: قال عامر العدواني لابنه في وصيته: يا بني أدركت كنانة بن خزيمة وكان شيخا مسنا عظيم القدر، وكانت العرب تحج إليه لعلمه وفضله، فقال: إنه قد آن خروج نبي من مكة يدعي أحمد، يدعو إلى الله وإلى البر والإحسان ومكارم الأخلاق، فأتبعوه تزدادوا شرفا وعزا إلى عزكم.
قال أبو الربيع رحمه الله تعالى: إن كنانة رأى وهو نائم في الحجر فقيل له: تخير يا أبا