وروينا من طريق المدائني (1) عن أبي الحويرث، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شئ ما ولدني إلا نكاح كنكاح أهل الإسلام " ويقول ابن الكلبي رحمه الله تعالى إنه كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة أم فلم يجد فيها شيئا مما كان من أمر الجاهلية.
ثم رأيت أبا عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (2) رحمه الله تعالى قد ذكره في كتاب له سماه كتاب " الأصنام " قال فيه: وخلف كنانة بن خزيمة على زوجة أبيه بعد وفاته وهي برة بنت أد بن طابخة بن إلياس بن مضر وهي أم أسد بن الهون بن خزيمة. ولم تلد لكنانة ولدا ذكرا ولكن كانت بنت أخيها وهي برة بنت مر بن أد بن طابخة، أخت لجشم بن مر، عند كنانة بن خزيمة، فولدت له النضر بن كنانة. وإنما غلط كثير من الناس لما سمعوا أن كنانة خلف على زوجة أبيه، ولا تفاق اسمهما وتقارب نسبهما وقع هذا الذي عليه مشايخنا وأهل العلم بالنسب. قال: ومعاذ الله أن يكون أصاب نسب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقت نكاح. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما زلت أخرج من نكاح كنكاح الإسلام حتى خرجت من أبي وأمي " قال: فمن اعتقد غير هذا فقد كفر وشك في هذا الخبر.
ونقل في الزهر كلام الجاحظ وفيه أن برة كانت بنت أد بن طابخة التي خلف عليها كنانة ماتت ولم تلد له فتزوج بعدها بابنة أخيها برة، فأولدها أولادا. انتهى. قال في الزهر: وهذا هو الصواب. وقال بعد ذلك في موضع آخر: وإن خلافه غلط ظاهر، لأنه مصادم لقوله صلى الله عليه وسلم:
" لم يجمع الله أبوي على سفاح قط " وهذا سفاح بإجماع، ولا يعتقد هذا في نسبه الطاهر أحد من المسلمين. ثم قال: وهذا الذي يثلج به الصدور ويذهب به وحره ويزيل الشك ويطفئ شرره.
قلت: وما ذكره الجاحظ من النفائس التي يرحل إليها. وقد قدمنا في طهارة نسبه صلى الله عليه وسلم ما يؤيد ذلك. والسهيلي رحمه الله تعالى تبع في ذلك الزبير، والزبير كأنه تبع الكلبي، والكلبي ذكر ذلك كما نقله عنه البلاذري، والكلبي متروك، ولو نقل ذلك ثقة لم يقبل قوله