ثم بين لهم بطلان ما هم عليه من عبادة ما سوى الله من الأنداد والأوثان، وأنها لا تملك من نفع ولا إضرار (1)، فقال: " لا جرم أن تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار " أي لا تملك تصرفا ولا حكما في هذه الدار، فكيف تملكه يوم القرار؟ وأما الله عز وجل فإنه الخالق الرازق للأبرار والفجار، وهو الذي أحيا العباد ويميتهم ويبعثهم، فيدخل طائعهم الجنة، وعاصيهم إلى النار.
ثم توعدهم إن هم استمروا على العناد بقوله: " فستذكرون ما أقول لكم، وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " قال الله: " فوقاه الله سيئات ما مكروا " أي بإنكاره سلم مما أصابهم من العقوبة على كفرهم بالله، ومكرهم في صدهم عن سبيل الله، مما أظهروا للعامة من الخيالات والمحالات، التي ألبسوا (2) بها على عوامهم وطغامهم. ولهذا قال: " وحاق " أي أحاط " بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا وعشيا " أي تعرض أرواحهم في برزخهم صباحا ومساء على النار. " ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ". وقد تكلمنا على دلالة هذه الآية على عذاب القبر في التفسير، ولله الحمد.
* * * والمقصود أن الله تعالى لم يهلكهم إلا بعد إقامة الحجج عليهم، وإرسال الرسول إليهم، وإزاحة الشبه عنهم، وأخذ الحجة عليهم منهم، (م 5 - قصص الأنبياء 2)