بغيا وعدوا، حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ".
يخبر تعالى عن كيفية غرق فرعون زعيم كفرة القبط، وأنه لما جعلت الأمواج تخفضه تارة وترفعه أخرى (1)، وبنو إسرائيل ينظرون إليه وإلى جنوده، ماذا أحل الله به وبهم من البأس العظيم والخطب الجسيم، ليكون أقر لاعين بني إسرائيل، وأشقى لنفوسهم. فلما عاين فرعون الهلكة وأحيط به، وباشر سكرات الموت أناب حينئذ وتاب، وآمن حين لا ينفع نفسا إيمانها، كما قال تعالى: " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم (2) ".
وقال تعالى: " فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (3) ".
وهكذا دعا موسى على فرعون وملئه، أن يطمس على أموالهم، ويشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم، أي حين لا ينفعهم ذلك، ويكون حسرة عليهم. وقد قال تعالى لهما - أي لموسى وهرون - حين دعوا بهذا: " قد أجيبت دعوتكما " فهذا من إجابة الله تعالى دعوة كليمه وأخيه هارون عليهما السلام.