فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني محنطا، فضعني على نعشي واحملني وصل علي، واعلم أن صاحب الصلاة ابني محمد.
فإذا أرادوا أن يحفروا قبري، فإنه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ولن يكون ذلك أبدا، فإذا ضربوا بالمعاول ستنبوا عن الأرض ولا تنحفر لهم فيها ولا مثل قلامة الظفر.
فإذا اجتهدوا في ذلك فقل لهم: إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة أبيك الرشيد، فإذا ضربت معولا فانفذ في الأرض، فترى قبرا محفورا وضريحا قائما.
فإذا انفرج ذلك القبر فلا تنزلني فيه حتى تقرب منه، فترى ماءا أبيض فيمتلئ به ذلك القبر، حتى يصير الماء مع وجه الأرض، ثم يضطرب فيه حوت بطوله فإذا اضطرب فلا تنزلني في القبر حتى إذا غاب الحوت منه وغار الماء، فأنزلني في القبر، وألحدني في ذلك الضريح، ولا تتركهم يأتوا بتراب ليلقوه في قبري فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ ويرتفع.
فقلت: نعم يا سيدي.
قال ثم قال لي: احفظ ما عهدت به إليك واعمل به ولا تخالف. قلت:
أعوذ بالله أخالف لك أمرا.
قال هرثمة: ثم خرجت من عنده باكيا حزينا. فلم أزل كالحبة على المقلاة (1) لا يعلم ما في نفسي إلا الله عز وجل.
ثم دعاني المأمون، فلم أزل قائما إلى أن أضاء النهار، ثم قال لي المأمون:
امض يا هرثمة إلى أبي الحسن، فاقرأه عني السلام وقل له يصير إلينا أو نصير إليك؟ فإن قال لك: بل يصير إلينا فسله أن يقدم ذلك.