بابي، فكلمه بعض غلماني، فقال له: قل لهرثمة: أجب سيدك، فقمت مسرعا وأخذت على أثوابي، وأسرعت إلى سيدي، ودخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه، فإذا بسيدي في صحن داره جالس.
فقال لي: يا هرثمة فقلت: لبيك يا مولاي، فقال لي: اجلس، فجلست.
فقال لي: اسمع وع يا هرثمة، هذا أوان رحيلي إلى الله عز وجل ولحوقي بآبائي وجدي (عليهم السلام)، وقد بلغ الكتاب أجله، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك.
فأما العنب، فإنه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب.
وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه، ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم. وإنه سيعودني في يومنا هذا المقبل، ويقرب إلي الرمان والعنب، ويسألني أن آكله فآكله، فينفذ الحكم ويحضر القضاء.
فإذا أنا مت فسيقول: أنا اغسله بيدي، فإذا قال ذلك، فقل له عني بينك وبينه أنه قال لا تتعرض لغسلي ولا لكفني ولا لدفني، فإنه إن فعل ذلك عاجله من العذاب ما أخر عنه، وحل به أليم العقاب، فإنه سينتهي.
فقلت: نعم يا سيدي.
قال لي: إذا خلى بينك وبين غسلي، فسيجلس في علو من أبنيته هذه، مشرفا على موضع غسلي لينظر إلي، فلا تعرض لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا قد ضرب جانب الدار أبيض، فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها، فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه، ويكون معك دونك.
ولا تكشف الفسطاط وتراني، فإنه سيشرف عليك ويقول لك: يا هرثمة أليس تزعم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله، فمن يغسل أبا الحسن على موسى وابنه محمد بالمدينة ونحن بطوس؟ فإذا قال لك ذلك فأجبه وقل له: ما يغسله غير من ذكرته.