فقال لها: هذا جبرئيل يبشرني أنها أنثى، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمة في الأمة، يجعلهم خلفاؤه في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة رضي الله عنها على ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجهت إلى نساء قريش ونساء بني هاشم يجئن ويلين منها ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها عصيتينا ولم تقبلي قولنا، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا.
فاغتمت خديجة لذلك فبينا هي كذلك، إذ دخل عليها أربع نسوة طوال، كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن، فقال لها إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك، ونحن أخواتك: أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم، وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه صفراء بنت شعيب، بعثنا الله تعالى إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء.
فجلست واحدة عن يمينها والأخرى عن يسارها والثالثة من بين يديها والرابعة من خلفها.
فوضعت خديجة فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة، فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور.
فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها، فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة وقنعتها بالأخرى.
ثم استنطقتها، فنطقت فاطمة عليها السلام بشهادة أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وأن ولدي سيد الأسباط.