امركم، فان ربه يطلعه عليه قالوا: نتخذ الها يكفيك ما أهمك وتستغني عن دانيال فقال: أنتم وذاك، فعملوا صنما عظيما وصنعوا عيدا وذبحوا له، وأوقدوا نارا عظيمه كنار نمرود، و دعوا الناس بالسجود لذلك الصنم، فمن لم يسجد له ألقي فيها.
وكان مع دانيال عليه السلام أربعة فتية من بني إسرائيل: يوشال، ويوحين، وعيصوا و مريوس. وكانوا مخلصين موحدين، فاتى بهم ليسجدوا للصنم، فقالت الفتية: هذا ليس باله، ولكن خشبه مما عملها الرجال، فان شئتم ان نسجد للذي خلقها فعلنا، فكتفوهم ثم رموا بهم في النار.
فلما أصبحوا طلع عليهم بخت نصر فوق قصر، فإذا معهم خامس وإذا بالنار قد عادت جليدا فامتلأ رعبا فدعا دانيال عليه السلام فسأله عنهم فقال: اما الفتية فعلى ديني يعبدون إلهي و لذلك أجارهم، والخامس بحر البرد أرسله الله تعالى جلت عظمته إلى هؤلاء نصره لهم، فامر بخت نصر فاخرجوا، فقال لهم: كيف بتم؟ قالوا: بتنا بأفضل ليله منذ خلقنا، فألحقهم بدانيال، وأكرمهم بكرامته حتى مرت بهم ثلاثون سنه (1).
فصل - 2 - 298 - وعن وهب بن منبه، قال: ثم إن بخت نصر رأى رؤيا أهول من الرؤيا الأولى و نسيها أيضا، فدعا علماء قومه قال: ذ رأيت رؤيا أخشى ان يكون فيها هلاككم وهلاكي، فما تأويلها فعجزوا وجعلوا علة عجزهم دانيال عليه السلام، فأخرجهم ودعا دانيال عليه السلام فسأله فقال:
رأيت شجره عظيمه شديده الخضرة فرعها في السماء عليها طير السماء، وفي ظلها وحوش الأرض وسباعها، فبينما أنت تنظر إليها قد أعجبك بهجتها، إذ اقبل ملك يحمل حديده كالفاس على عنقه، وصرخ بملك آخر في باب من أبواب السماء يقول له: كيف امرك الله ان تفعل بالشجرة امرك ان تجتثها من أصلها؟ أم امرك ان تأخذ بعضها؟ فناداه الملك الاعلى ان الله تعالى يقول: خذ منها وأبق، فنظرت إلى الملك حتى ضرب رأسها بفاسه، فانقطع و تفرق ما كان عليها من الطير، وما كان تحتها من السباع والوحوش، وبقى الجذع لا هيئة له