116 - وكان على عهد إبراهيم عليه السلام رجل يقال له: ماريا بن أوس، قد أتت عليه ستمائة سنه وستون سنه، وكان يكون في غيضه له بينه وبين الناس خليج من ماء غمر، وكان يخرج إلى الناس في كل ثلاث سنين، فيقيم في الصحراء في محراب له يصلى فيه، فخرج ذات يوم فيما كان يخرج، فإذا هو بغنم كان عليها الدهن، فأعجب بها وفيها شاب كان وجهه شقه قمر، فقال: يا فتى لمن هذا الغنم، قال: لإبراهيم خليل الرحمن قال: فمن أنت؟ قال: انا ابنه إسحاق، فقال ماريا في نفسه: اللهم أرني عبدك وخليلك حتى أراه قبل الموت. ثم رجع إلى مكانه ورفع إسحاق ابنه خبره إلى أبيه فأخبره بخبره، وكان إبراهيم يتعاهد ذلك المكان الذي هو فيه ويصلى فيه، فسأله إبراهيم عن اسمه وما اتى عليه من السنين فخبره، فقال:
أين تسكن؟ فقال: في غيضه، فقال إبراهيم عليه السلام إني أحب ان آتي موضعك فانظر إليه وكيف عيشك فيها؟ قال: إني أيبس من الثمار الرطب ما يكفيني إلى قابل لا تقدر ان تصل إلى ذلك الموضع فإنه خليج وماء غمر، فقال له إبراهيم: فما لك فيه معبر؟ قال: لا: قال: فكيف تعبر؟
قال: أمشي على الماء، قال إبراهيم: لعل الله الذي سخر لك الماء يسخره لي.
قال: فانطلق وبدا ماريا فوضع رجله في الماء وقال: بسم الله قال إبراهيم عليه السلام: بسم الله، فالتفت ماريا وإذا إبراهيم يمشي كما يمشي هو فتعجب من ذلك، فدخل الغيضة، فأقام معه إبراهيم صلوات الله عليه ثلاثة أيام لا يعلمه من هو، ثم قال له: يا ماريا ما أحسن موضعك هل لك ان تدعو الله ان يجمع بيننا في هذا الموضع؟ فقال: ما كنت لافعل، قال: ولم قال لأني دعوته بدعوة منذ ثلاث سنين فلم يجبني فيها قال: وما الذي دعوته به (1) فقص عليه خبر الغنم وإسحاق، فقال إبراهيم عليه السلام فان الله قد استجاب منك انا إبراهيم، فقام: وعانقه فكانت أول معانقة (2).