فتأمروا حتى قالوا: ﴿أرسله معنا غدا يرتع ويلعب﴾ (١) فلما خرجوا به اتوا به غيضه أشجار، فقالوا نذبحه ونلقيه تحت شجره يأكله الذئب، فقال كبيرهم: لا تقتلوه ولكن القوة في غيابه الجب فألقوه فيه، وهم يظنون أنه يغرق فيه.
فلما أمسوا رجعوا إلى أبيهم ﴿عشاء يبكون قالوا يا أبانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فاكله الذئب﴾ (2) فاسترجع وعبر فصبر وأذعن للبلوى، وقال: (بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل) (3) ما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب.
قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليه، فلما كان من الغدو غدوت إليه، فقلت: انك حدثت أمس بحديث يعقوب، فما كان من قصه اخوه يوسف بعد ذلك؟ فقال: انهم لما أصبحوا قالوا: انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حي؟ فلما انتهوا إلى الجب وجدوا سياره وقد أرسلوا واردهم، فأدلى دلوه فلما جذب الدلو إذا هو بغلام متعلق بدلوه، فلما أخرجه قال اخوه يوسف: هذا عبدنا سقط أمس في هذا الجب وجئنا اليوم لنخرجه، فانتزعوه منه وقالوا له: اما ان تقر لنا انك عبد لنا، فنبيعك من بعض هذه السيارة أو نقتلك، قال: اصنعوا ما شئتم، فاقبلوا إلى السيارة وقالوا لهم: أمنكم من يشترى هذا العبد منا؟ فاشتراه بعضهم بعشرين درهما وسار من اشتراه حتى أدخله مصر.
فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: ابن كم كان يوسف صلوات الله عليه يوم ألقى في الجب؟ قال: كان ابن تسع سنين قلت: فكم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ قال:
مسيره اثنى عشر يوما. وكان يوسف عليه السلام من أجمل أهل زمانه، فاشتراه العزيز وراودته امرأته، فقال: معاذ الله انا من أهل بيت لا يزنون، فأفلت منها هاربا إلى الباب، فلحقته فجذبت قميصه من خلفه (وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا الا