أجل، ولا ينقصان من رزق 1.
ونوجه النظر إلى قوله عليه السلام أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله عز وجل، فالله هو الآمر بكل معروف، والناهي عن كل منكر، وإذن، فإن المؤمن الملتزم بقضية مجتمعه الواعي للأخطار المحدقة به، يمتثل - حين يأمر وينهى - لله تعالى ويتبع سبيله الأقوم.
وقال الإمام في موقف آخر:
وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق 2.
* قلنا إن إحياء هذه الفريضة، وجعلها إحدى هواجس المجتمع الدائمة، وإحدى الطاقات الفكرية الحية المحركة للمجتمع كان من شواغل الإمام الدائمة.
وكان يحمله على ذلك عاملان:
أحدهما أنه إمام المسلمين، وأمير المؤمنين، ومن أعظم واجباته شأنا أن يراقب أمته، ويعلمها ما جهلت، ويعمق وعيها مما علمت، ويجعل الشريعة حية في ضمير الأمة وفي حياتها.
وثانيهما هو قضيته الشخصية في معاناته لمشاكل مجتمعه الداخلية والخارجية في قضايا السياسة والفكر.
فقد كان الإمام يواجه في مجتمعه حالة شاذة لا يمكن علاجها والتغلب عليها إلا بأن يجعل كل فرد بالغ في المجتمع - والنخبة من المجتمع بوجه خاص - من قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في كل موقف تدعو الحاجة إليهما وخاصة في المواقف الخطيرة، قضية التزام شخصي واع وصارم.
لقد شكا الإمام كثيرا من النخبة في مجتمعه، وأدان هذه النخبة بأنها نخبة فاسدة