قال عليه السلام:
أيها الناس. إنما يجمع الناس الرضى والسخط، وانما عقر ناقة ثمود رجل واحد، فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضى 1.
* وقد حذر الإمام بتجمعه في إحدى استبصاراته نحو المستقبل من وضعية فكرية وثقافية تودي إلى هجر الأصول الثقافية والفكرية التي تكون روح المجتمع الإسلامي وتسمه بطابعه الخاص المميز له عن سائر التجمعات الثقافية - الحضارية، وتعطيه دوره المميز والخاص في حركه التاريخ العالمي وبناء الحضارة... وتؤدي به - نتيجة لانبثاقه عن أصوله - إلى أن يكون نسخة من ثقافة أخرى، ووحدة من وحدات حضارة أخرى ، وتغدو الأصول الثقافية التي ترجع كلها إلى الكتاب والسنة مجرد أشكال يتداولها الناس دون أن يكون لها دور في تكوين المفاهيم، وبناء الشخصية، ورسم طريق العمل.
إن المسلمين أنفسهم، يومئذ سينبذون الكتاب باعتباره مصدرا للمفاهيم الفكرية، ويتجهون نحو منابع غريبة عن ثقافتهم وحضارتهم، وعقيدتهم وشريعتهم، وتاريخهم، يستمدون منها الغذاء العقلي والنفسي، والتوجيه السلوكي.
وننبه هنا إلى أن الاغتراب الثقافي الناشئ عن هجر الأصول - وهو ما حذر الإمام منه - غير الانفتاح الثقافي - الحضاري الذي يتولد من الطموح إلى التفاعل مع الآخرين واكتشاف صيغهم الحضارية والتعرف على فتوحهم الفكرية مع الحفاظ على الأصول، والأمانة للذات ومقوماتها... فهذا الانفتاح أمر مطلوب مرغوب، وقد مارسه المسلمون وكانوا سادة فيه حين أنشأوا الحضارة الإسلامية العظيمة التي انفتحت على كل الإنجازات الخيرة في الحضارات الأخرى، فاكتشفوها وكيفوها وفقا لقيم الإسلام، ومفاهيم الإسلام، وأخلاقيات الإسلام المستمدة من الكتاب والسنة والفقه.