حتى شنت 1 عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان...
فيا عجبا! عجبا والله يميت القلب، ويجلب الهم، من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم! فقبحا لكم وترحا 2 حين صرتم غرضا يرمى:
يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون.
فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمارة القيظ أمهلنا يسبخ عنا الحر 3، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر 4... كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر.
يا أشباه الرجال ولا رجال! حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال 5 لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة - والله - جرت ندما وأعقبت سدما 6.
قاتلكم الله! لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا 7 وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسا وأقدم فيها مقاما مني لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين وهأنذا قد ذرفت 8 على الستين! ولكن لا رأي لمن لا يطاع 9.
* بهذه المرارة، وبهذا الغضب، وبهذه السخرية، وبهذا الاحتقار كان الإمام يواجه هذه النخبة التي تخاذلت عن القيام بواجبها، أو خانت قضية شعبها.
ويبدو أن هذه الطبقة - أو فريقا منها - كانت تحاول، سترا لمواقفها التي عمل