التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١١٥
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله 1.
وقد مدح الله في كتابه الكريم المسلمين من أهل الكتاب، أتباع الأنبياء السابقين قبل بعثة النبي محمد (ص) بوعيهم لهذه الفريضة والعمل بها، مما يكشف عن أنها فريضة عريقة في الإسلام منذ أقدم عصوره وصيغه، وأنها قد كانت فريضة ثابتة في جميع مراحله التشريعية التي جاء بها أنبياء الله تعالى جيلا بعد جيل. قال تعالى:
ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين 2.
* وقد كان إحياء هذه الفريضة، وجعلها إحدى هواجس المجتمع من شواغل الإمام الدائمة.
وقد تناولها في خطبه وكلامه - كما تعكس لنا ذلك النماذج التي اشتمل عليها نهج البلاغة - من زوايا كثيرة:
تناولها كقضية فكرية لا بد أن توعى لتغني الشخصية الواعية، وباعتبارها قضية تشريعية تدعو الأمة والأفراد إلى العمل.
ومن هذين المنظورين عالجها بعدة أساليب.
* لقد أعطاها منزلة عظيمة، تستحقها بلا شك، بين سائر الفرائض الشرعية، فجعلها إحدى شعب الجهاد الأربع:
.. والجهاد منها - من دعائم الإيمان - على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف الكافرين ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن

(1) سورة آل عمران (مدنية - 3) الآية: 110.
(2) سورة آل عمران (مدنية - 3) الآية: 113 - 114.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»