التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١١٢
وتعطفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت 1 فهم حكام على العالمين، وملوك في أطراف الأرضين. يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم، ويمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم، لا تغمز لهم قناة، ولا تقرع لهم صفاة 2...
وإن عندكم الأمثال من بأس الله وقوارعه، وأيامه ووقائعه 3، فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه وتهاونا ببطشه، ويأسا من بأسه فإن الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي، والحلماء لترك التناهي 4.

(١) تعطفت.. كناية عن السعادة والإقبال، يقال: تعطف الدهر على فلان، أي أقبل حظه وسعادته، والذرى الأعالي، جمع ذروة، كناية عن عزهم وقوتهم وامتناعهم.
(٢) لا تغمز.. لا تقرع.. مثل يضرب لمن لا يجترأ عليه لعزته وقوته.
(٣) الأمثال هي ما ورد في القرآن بما قصه الله تعالى من أحوال الأمم القديمة وكيف نزلت بها الكوارث نتيجة لممارساتها المنحرفة.
(4) التناهي مصدر تناهى القوم عن كذا، أي نهى بعضهم بعضا. يقول: لعن الله الماضين من قبلكم لأن سفهاءهم ارتكبوا المعصية. وحلماءهم لم ينهوهم عنها وهذا من قوله تعالى في شأن بني إسرائيل (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) سورة المائدة / 79.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»