كما أن ظاهرها أن الواجب هنا كفائي لا عيني، لأن مفاد الأمر تعلق بأن تكون في المسلمين أمة تأمر وتنهى، لا بجميعهم على نحو العينية الاستغراقية وعليه فإذا قامت جماعة منهم بهذا الواجب سقط الوجوب عن بقية المكلفين كما هو الشأن في الواجب الكفائي.
ولم يحدد في القرآن والسنة عدد مخصوص لأفراد هذه الأمة، فيراعى في عدد الأفراد القائمين بالواجب مقدار الوفاء بالحاجة.
وقد جعل الله تعالى في كتابه الكريم وعي هذه الفريضة، وأدائها حين يدعو وضع المجتمع إلى ذلك، من صفات المؤمنين الصالحين، فقال تعالى:
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم 1.
فقد دلت الآية المباركة على تضامن المؤمنين بعضهم مع بعض في عمل الخير والبر والتقوى، وأنهم جميعا من جنود هذه الفريضة حين يدعوهم الواجب إليها.
وسياق الآية الكريمة دال على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من حيث أن بقية ما ورد في الآية كله من الواجبات المعلومة في الشريعة (الصلاة، والزكاة، وطاعة الله ورسوله) 2، وإن لم تكن الدلالة السياقية من الدلالات التي لها حجية في استظهار الأحكام الشرعية.
وكما ورد مدح المؤمنين والمؤمنات - كأفراد - في الآية الآنفة، فقد ورد في آية أخرى مدح المسلمين كافة - كأمة ومجتمع - من حيث وعيهم لهذه الفريضة وعملهم بها، وتلك هي قوله تعالى: